الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
نحن نعلم أنّ الأئمّة(عليهم السلام) وفي ضوء اتّصالهم
بربّ العالمين يتمتّعون بالمعرفة الغيبية، وكلّما تعرّض الإسلام أو المصالح العليا
للأُمّة الإسلامية ـ كشرعية إمامتهم ـ لخطر استخدموا هذه المعرفة كوسيلة إرشادية.
وتشكل أخبارهم وتنبّؤاتهم الغيبية قسماً مهماً من
سيرتهم، ولكن عندما ندرس حياة الإمام العسكري نجد انّه(عليه السلام)أكثر الأئمّة
إظهاراً لمعرفته الغيبية، ووفقاً لما قد توصل إليه أحد العلماء المعاصرين انّ العلماء
قد سجلوا تنبّؤات الإمام العسكري وكراماته وأعماله الغير عادية في كتبهم بالنحو
التالي: القطب الراوندي أربعون مرة في كتاب «الخرائج»، والسيد البحراني مائة وأربع
وثلاثين مرة في كتاب «مدينة المعاجز»، والشيخ الحر العاملي في «إثبات الهداة» مائة
وثلاث وثلاثين مرة، والمجلسي في «البحار» واحد وثمانين مرة(1). وهذا دليل على كثرة
تنبّوءات الإمام الغيبية.
ويبدو انّ السبب في ذلك هو الظروف العصيبة والأجواء
المفعمة بالاضطهاد التي عاشها الإمامان العسكري وأبوه الهادي عليمها السَّلام
،لأنّه عندما انتقل الإمام الهادي كرهاً إلى سامراء ـ كما قلنا مسبقاً ـ كان يخضع
لمراقبة شديدة، ولهذا لم تتوفر فرصة تعريف وتقديم ابنه الحسن كإمام تال له إلى
الشيعة، وكان هذا الأمر يعرض حياته للخطر من قبل الحكم العباسي. ولأجل ذلك تم
تعريف الإمام العسكري إلى الشيعة وإشهادهم على إمامته في الشهور الأخيرة من حياة
الإمام الهادي(عليه السلام)(2)، لدرجة انّه عندما رحل الإمام الهادي لم يكن لكثير
من الشيعة علم بإمامة الحسن العسكري(عليه السلام)(3).
ويمكن أن يكون هناك سبب آخر لهذا الموضوع لا يمكن إنكار
تأثيره وهو اعتقاد جماعة من الشيعة بإمامة محمد بن علي أخي الإمام العسكري في عهد
أبيهما الهادي(عليه السلام)، وطبقاً لمعتقدهم هذا كانوا يحترمونه بحضور الإمام
الهادي غير انّه كان يواجه هذه العقيدة ويرفضها ويدعوهم لإمامة ابنه الحسن.
وقد اتخذ بعض الخونة والجهلة كابن ماهويه هذه العقيدة
ذريعة وراح يضلّل أفكار الناس ويبعدهم بعد استشهاد الإمام الهادي عن إمامة الإمام
العسكري.
اجتمعت هذه الأسباب وبعثت على إثارة الشك بين جماعة من
الشيعة حول إمامته في البداية، كما أنّ بعضهم حاول أن يختبر الإمام(4)، وكاتب
بعضهم الآخر الإمام وراسله حول ذلك(5).
بلغ الشك والترديد في هذا الأمر حدّاً جعل الإمام(عليه
السلام)يكتب في جواب جماعة من الشيعة والألم يعصر قلبه:
«ما مني أحد من آبائي بمثل ما مُنيتُ به من شك هذه
العصابة فيّ»(6).
كان الإمام العسكري ولإجلاء صدأ هذه الشكوك والشبهات أو
لصيانة أصحابه من الخطر أحياناً أو لرفع معنوياتهم أو لهداية الضالين، يضطر إلى أن
يرفع الستار والحجب عما وراء هذا العالم الظاهري ويخبرهم بما يلهم به من هناك، و
هذا الأسلوب من أكثر الأساليب تأثيراً في استقطاب المعاندين والمخالفين وتقوية
إيمان الشيعة.
يقول أبو هاشم الجعفري الذي قلنا مسبقاً انّه من أقرب
أصحاب الإمام(عليه السلام): ما دخلت على أبي محمد العسكري يوماً قط إلاّرأيت منه
دلالة وبرهاناً(7)،(8).
لا يوجد تعليق