الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
على الرغم من أنّ الإمام العسكري وبسبب الظروف
العصيبة والمضايقات الكبيرة التي كان يتلقّاها من الحكم العباسي لم ينجح في بث
معارفه الواسعة على نطاق المجتمع بشكل عام، غير انّه ورغم تلك الظروف ربّى وعلّم
طلاباً كان لكلّ واحد منهم دور في نشر المعارف الإسلامية ومواجهة شبهات الأعداء.
وقد عدّ الشيخ الطوسي تلامذة الإمام بما يزيدون على
المائة(1) وكان من بينهم شخصيات بارزة ووجوه معروفة ورجال فضلاء، مثل:أحمد بن
إسحاق القمي، أبو هاشم داود بن قاسم الجعفري، عبد اللّه بن جعفر الحميري، أبو عمرو
عثمان بن سعيد العمري، علي بن جعفر، و محمد بن الحسن الصفار، ولا يسع هذا الكتاب
البحث حول جهود ومساعي هؤلاء الرجال وخدماتهم، ويمكن معرفة حياتهم المفعمة بالفخر
والعبر والدروس من خلال مراجعة الكتب الرجالية.
ومضافاً إلى تعليم وتربية الرجال والشخصيات كانت تظهر
بعض المشكلات والشبهات العويصة للمسلمين لا يمكن حلها ومعالجتها إلاّ على يد
الإمام الحسن العسكري.
فقد كان الإمام في هذه المواقف يخترق السدود و الموانع
بحنكة عالية، ويقدم الحلول في ضوء علم الإمامة، ولتبيين ذلك نكتفي بذكر نموذج
واحد:
كتب ابن شهر آشوب: انّ إسحاق الكندي كان فيلسوف
العراق(2)، في زمانه أخذ في تأليف تناقض القرآن، و شغل نفسه بذلك، وتفرّد به في
منزله، وانّ بعض تلامذته دخل يوماً على الإمام الحسن العسكري.
فقال(عليه السلام) له: «أما فيكم رجل رشيد يردع أُستاذكم
الكندي عمّا أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟».
فقال التلميذ: نحن من تلامذته كيف يجوز منّا الاعتراض
عليه في هذا وفي غيره.
فقال(عليه السلام) له: «أتؤدي إليه ما أُلقيه إليك؟».
فقال: نعم.
قال(عليه السلام): «فصر إليه وتلطّف في مؤانسته ومعونته
على ما هو بسبيله، فإذا وقعت الأُنسة في ذلك، فقل قد حضرتني مسألة أسألك عنها،
فانّه يستدعي ذلك منك، فقل له إن أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون
مراده بما تكلّم منه غير المعاني التي قد ظننتها انّك ذهبت إليها؟ فانّه سيقول لك
انّه من الجائز، لأنّه رجل يفهم إذا سمع، فإذا أوجب ذلك، فقل له: فما يدريك لعلّه
قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه فيكون واضعاً لغير معانيه».
فصار الرجل إلى الكندي وتلطّف إلى أن ألقى عليه هذه
المسألة، فقال له: أقسمت عليك ألا أخبرتني من أين لك؟ فقال: إنّه شيء عرض بقلبي
فأوردته عليك، فقال: كلا ما مثلك من اهتدى إلى هذا، ولا من بلغ هذه المنزلة
فعرّفني من أين لك هذا؟!
فقال: أمرني به أبو محمد الإمام العسكري.
فقال: الآن جئت بالحق، وما كان ليخرج مثل هذا إلاّ من
ذلك البيت، فهم الذين يمكنهم أن يكشفوا عن الحقيقة.
ثمّ إنّـه ـ و بعـد ان عـرف الحقيقة وخطئه ـ دعا بالنـار
وأحـرق جميع مـا ألّفـه(3)،(4).
لا يوجد تعليق