الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
لا شبهة ولا شك أنّ طلحة والزبير كانا من بين اولئك الذين أثاروا الناس ضد عثمان ويجمع العدو والصديق على اشتراكهما في قتل عثمان، كما أعلنت عائشة صراحة اعتراضها على عثمان(1)، إلّا أنّ العجيب ما إن هبت الامة لمبايعة علي عليه السلام فتسلم زمام الأمور حتى وقف بوجهه طلحة والزبير وكذلك عائشة، والأعجب من ذلك أنّ حجّتهم لذلك الوقوف هو الطلب بدم عثمان، ولا زال التاريخ يحفل بالكثير من هذه العجائب والأفراد الذين يحرصون على الدنيا وزخارفها، على كل حال فانّ الإمام عليه السلام أشار في خطبة إلى هذا المطلب فقال: «وَاللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً، وَلَا جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نِصْفاً(2)»، ثم أضاف قائلًا: «وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ، وَدَماً هُمْ سَفَكُوهُ».(3)
و عنه (عليه السلام) ـ في خُطبَتِهِ حينَ نُهوضِهِ إلَى الجَمَلِ ـ : إنّي بُليتُ بِأَربَعَة : أدهَى النّاسِ وأَسخاهُم ؛ طَلحَةَ، وأشَجَعِ النّاسِ ؛ الزُّبَيرِ، وأطوَعِ النّاسِ فِي النّاس؛ عائِشَةَ، وأُسرَعِ النّاسِ إلى فِتنَة ؛ يَعلَى بنِ اُمَيَّةَ .
وَاللهِ، ما أنكَروا عَلَيَّ شَيئاً مُنكراً، ولاَ استَأثَرتُ بِمال، ولا مِلتُ بِهَوىً، وإنَّهُم لَيَطلُبونَ حَقّاً تَرَكوهُ، ودَماً سَفَكوهُ، ولَقَد وَلوهُ دوني، وإن كُنتُ شَريكَهُم فِي الإِنكارِ لِما أنكَروهُ.(4)
ورد أنّه عليه السلام سلم الراية يوم الجمل ابنه محمد بن الحنفية، فاستغل الفرصة من الصباح حتى الظهر ليدعوهم إلى الصلح والصلاح والالتزام بالبيعة، ثم خاطب عائشة قائلًا: اتق اللَّه وعود إلى بيتك فقد أمركن اللَّه سبحانه «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ». ثم التفت إلى طلحة والزبير وقال لهم: صنتم نسائكم وابرزتم زوج رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ثم خرجتم تطالبون بدم عثمان بعد أن آلت الخلافة إلى الشورى... .(5)
إنّ أول من دعا عثمان نعثلًا عائشة، وكانت تقول: «اقتلوا نعثلًا قتل اللَّه نعثلًا». و قال ابن الأثير: «ومنه حديث عائشة: اقتلوا نعثلًا قتل اللَّه نعثلًا، تعني عثمان وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت إلى مكة،(6)
وقال الدميري: «كان اعداء عثمان يسمونه نعثلًا،(7) تشبيهاً برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل، وقيل: النعثل الشيخ الأحمق»(8).
و قال البلاذري في الأنساب: خرجت عائشة باكية تقول: قتل عثمان رحمه اللّه، فقال لها عمّار بن ياسر:
أنت بالأمس تحرضين عليه ثم أنت اليوم تبكينه.
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: كان طلحة من أشدّ الناس تحريضاً عليه، و كان الزبير دونه في ذلك، رووا أنّ الزبير كان يقول: اقتلوه فقد بدّل دينكم. فقالوا له: إنّ ابنك يحامي عنه بالباب. فقال: ما أكره أن يُقتل عثمان و لو بُدئ بابني، إنّ عثمان لجيفة على الصراط غداً.(9)
و أخرج الطبري في حديث وقعة الجمل: كان عليّ قال للزبير: «أتطلب منّي دم عثمان، و أنت قتلته؟ سلّط اللَّه على أشدّنا عليه اليوم ما يكره»(10). أخرجه أيضاً الحافظ العاصمي في زين الفتى.
و في لفظ المسعودي: قال عليّ: «ويحك يا زبير ما الذي أخرجك؟» قال: دم عثمان. قال عليّ: «قتل اللَّه أولانا بدم عثمان».
و عن عليّ (عليه السلام) ـ مِن كَلام لَهُ في مَعنى(11) طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ حينَ بَلغهُ خُروجَ طَلحَةَ وَالزُّبَير إلَى البصرةِ لقتالهِ ـ : قَد كنتُ وما اُهَدَّدُ بِالحَربِ، ولا اُرهَّبُ بالضَّربِ، وأَنَا عَلى ما قَد وعدني رَبّي منَ النَّصرِ، واللهِ مَا استَعجلَ مُتَجرِّداً للطلبِ بدمِ عُثمانَ إلاّ خَوفاً من أن يُطالبَ بِدمهِ ؛ لانَّهُ مظنّتهُ، ولم يكن في القَومِ أحرصُ عليهِ منهُ، فَأَرادَ أن يُغالط بِما أجلبَ فيهِ ؛ ليلتبسَ الأَمرُ، ويقَعَ الشّكُّ .
و واللهِ ما صنعَ في أمر عُثمانَ واحدَةً من ثَلاث : لئن كانَ ابنُ عَفّانَ ظالماً ـ كَما كانَ يَزعُمُ ـ لَقَد كانَ يَنبغي لهُ أن يُوازرَ قاتليهِ، وأَن يُنابذَ ناصريهِ . ولَئِن كانَ مظلوماً لَقَد كانَ يَنبغي لهُ أن يكونَ منَ المُنَهنهينَ(12) عَنهُ، وَالمُعذِّرينَ فيهِ. ولئن كانَ في شكٍّ منَ الخَصلَتَينِ، لَقَد كانَ يَنبَغي لَهُ أن يَعتَزِلَهُ ويَركُدَ جانِباً، ويَدَعَ النّاسَ مَعَهُ . فَما فَعَلَ واحِدَةً مِنَ الثَّلاثِ، وجاءَ بِأَمر لَم يُعرَف بابُهُ، ولَم تَسلَم مَعاذيرُهُ!(13)
و العجيب أنّ عثمان لم يأت إلى الحكم إلّا بوصيّة من عمر و انتخاب ثلاثة، و هم: طلحة و سعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف، ثم إنّ التواريخ تذكر أنّ هؤلاء المنتخبين عدلوا عن عثمان عند ما رأوا طغيانه و هتكه لأصحاب رسول اللّه و مشورته في أمور المسلمين مع كعب الأحبار اليهودي و توزيعه أموال المسلمين بين بني مروان، فبدأ هؤلاء الثلاثة بتحريض الناس على قتل عثمان!(14)
لا يوجد تعليق