244-الرضاع المحرِّم

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

244-الرضاع المحرِّم

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرین.

حکم المهر فی الصور التی ینفسخ فیها النکاح بسبب الرضاع

یقول الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ: (مسألة 3 ـ إذا حصل الرضاع الطارئ) بعد العقد (المبطل للنکاح فإمّا أن یبطل نکاح المرضعة بإرضاعها کما فی إرضاع الزوّجة الکبیرة لشخص زوّجته الصغیرة بالنسبة إلى نکاحها، وإمّا أن یبطل نکاح المرتضعة کالمثال بالنسبة إلى نکاح الصغیرة، وإمّا أن یبطل نکاح غیرهما کما فی إرضاع الجدّة من طرف الاُمّ ولد بنتها، والظاهر بقاء استحقاق الزوّجة للمهر فی الجمیع إلاّ فی الصورة الاُوّلى فیما إذا کان الإرضاع وانفساخ العقد قبل الدخول، فإنَّ فیها تأمّلاً فالأحوط التخلّص بالصلح، بل الأحوط ذلک فی جمیع الصور وإن کان الاستحقاق أقرب؛ وهل تضمن المرضعة ما یغرمه الزوّج من المهر قبل الدخول فیما إذا کان  إرضاعها مبطلاً لنکاح غیرها؟ قولان، أقواهما العدم، والأحوط التصالح).

البحث المطروح فی هذه المسألة بحث مهمّ، أشرنا سابقاً إلى أنّه سوف یأتی هنا، وهو البحث حول مسألة المهر فی الصور التی یحکم فیها بانفساخ نکاح الزوّجة بسبب الرضاع.

وفیه فرعان:

الأوّل: حول مسألة المهر.

والثانی: حول مسألة ضمان المسبّب لحصول التحریم.

الفرع الأوّل: فی حکم المهر

ویأتی هذا البحث فی کلّ مورد حکم فیه بانفساخ النکاح بعیب أو خیار أو غیر ذلک، وقد تعرّض له الکثیر من العلماء، منهم الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ فی هذه المسألة من (التحریر) نذکر له ثلاثة موارد:

1 ـ الکبیرة التی ترضع الصغیرة بإرادتها واختیارها.

2 ـ الصغیرة التی ترتضع بلا إرادة ووعی منها.

3 ـ امرأة اُخرى لیست زوّجة للرجل الذی حرمت علیه امرأته بسبب الرضاع، وذلک کما إذا أرضعت الجدّة للاُمّ مثلاً حفیدها لابنتها مّما یؤدی ـ عند المشهور ـ إلى حرمة اُمّ الرضیع على زوّجها.

ویجری البحث عن أنّه هل یثبت المهر فی تمام هذه الصور أو لا؟

وقد وقع الخلاف بین الأعلام فی ذلک، وکلّ ذکر دلیلاً على ما ذهب إلیه.

أدلّة القائلین بعدم ثبوت المهر

أستدلّ القائلون بعدم ثبوت المهر بدلیلین:

الدلیل الأوّل: مقتضى القاعدة.

فإنَّ مقتضى القاعدة فی موارد الفسخ والانفساخ هو عدم ثبوت المهر، فیکون الرجل مالکاً للمهر والمرأة مالکةً لنفسها. وتفصیل الکلام فیه أن یقال:

إنَّ انفصال المرأة عن زوّجها إمّا أن یکون بالطلاق، أو بالموت، أو بالفسخ والانفساخ.

فإن کان بالطلاق فلا إشکال فی ثبوت المهر بالقرآن والسنّة والإجماع من المسلمین، على تفصیل بین أن یکون قبل الدخول فنصف المهر، وأن یکون بعده فتمام المهر.

وإن کان بالموت فأیضاً هناک اتفاق على ثبوت المهر، غایته هناک اختلاف بین الأصحاب فی أنَّ الموت قبل الدخول هل هو کالطلاق منصّف للمهر أو لا؟ نحن وآخرون نرى أنّه بالموت قبل الدخول یثبت تمام المهر.

وأمّا إذا کان الانفصال حاصلاً بالفسخ والانفساخ فقد ذهب جماعة منهم صاحب (الجواهر) ـ قدّس سرّه ـ إلى أنّ القاعدة تقتضی فیه عدم ثبوت المهر، لأنَّ الفسخ فی أیّة معاملة یعنی بقاء أو رجوع کلّ عوض إلى مالکه الأوّل، والنکاح نوع معاملة، فبالفسخ أو الانفساخ تکون المرأة مالکةً لأمرها والرجل مالکاً للمهر.

ولیس هذا الکلام مختصاً بالرضاع بل یأتی فی کلّ مورد حکم فیه بالانفساخ.

إن قلت: ما هو زمان حصول الفسخ ؟ هل هو من حین الفسخ، أو من حین العقد؟ إذا کان من حین الفسخ فإنَّ تمام النماءات یحکم بملکیّتها للمالک الثانی، بینما على القول بأنَّ الفسخ یحصل من حین العقد فإنَّ هذه النماءات تکون للمالک الأوّل.

قلنا: نحن نختار أنَّ الفسخ یحصل من حین الفسخ، ومع ذلک نحکم ببقاء المهر على ملک الرجل، لأنَّ معنى الفسخ هو رجوع کلٍ من العوضین إلى صاحبه؛ وهذا ما یقال فی تمام الخیارات.

إن قلت: یلزم على قولکم بأنّ الفسخ من حین الفسخ أن یقال بأنّه فی صورة الدخول أیضاً یجب إرجاع المهر للزوّج؛ لأنّه إذا کان الزوّج قد استفاد من البضع فی هذه المدّة فإنّ المرأة أیضاً قد استفادت من المهر.

قلنا: هذا صحیح بحسب مقتضى القاعدة، ولکن هناک روایات تنصّ على استحقاق المرأة للمهر بالدخول؛ وهذا حکمّ تعبّدی، وإن کان فی (الجواهر) قد ذکر له توجیهاً حیث قال بأنَّ المهر فی العقد الدائم لا یقبل التوزیع، وبمجرّد أن یحصل العقد لابدّ من إعطاء المهر.

إن قلت: إنّ ما ذکرتموه من أنَّ معنى الفسخ هو رجوع کلّ عوضٍ إلى صاحبه صحیح فی المعاوضات المحضة مثل البیع، بینما النکاح لیس معاوضة محضة وإنّما هو شیء فیه شوب العبادة کما مرّ معنا سابقاً، فقیاسه، على المعاوضات قیاس مع الفارق.

هذا ما أشکل به المرحوم السیّد السبزواری ـ قدّس سرّه ـ فی (مهذّب الأحکام).

قلنا:

أوّلاً: ورد فی روایات متعدّدة التعبیر بأنّه یشتریها بأغلى الثمن ، ونحن لا نقول بأنّ النکاح شراء حقیقةً، ولکنّه بحسب هذا التعبیر نوع معاوضة، مضافاً إلى أنَّ القرآن الکریم عبّر عن المهر بالأجر، سواء فی العقد المنقطع أم فی العقد الدائم، وذلک فی قوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِیضَةً)(1)، وقوله تعالى: (یَا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَکَ أَزْوَاجَکَ اللَّاتِی آتَیْتَ أُجُورَهُنَّ)(2)  ونساء النبیّ ـ صلّى الله علیه وآله ـ کُنَّ زوجاته بالعقد الدائم.

وثانیاً: إنّ أقصى ما یمکنکم إثباته بهذا الوجه هو أنّ النکاح لیس بیعاً محضاً، ولکنه معاوضة؛ والفسخ لیس خاصاً بالبیع بل یجری فی سائر المعاوضات بشهادة الآیات والروایات والعقل والعرف.

والنتیجة هی أنَّه إلى هنا یکون الدلیل الأوّل تامّاً، فیثبت أن الفسخ یفترق عن الموت والطلاق بالنسبة للمهر.

وصلّى الله على سیّدنا محمدٍ وآله الطاهرین.

________________________

(1) النساء: 24.

(2) الأحزاب: 50.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 1668