241-الرضاع المحرِّم

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

241-الرضاع المحرِّم

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرین.

ما هو حکم الزوّجة الکبیرة فیما لو أرضعت الزوّجة الصغیرة؟

تعرّضنا فی الدرس الماضی لبیان الأقوال فی هذه المسألة، والآن نتعرّض لأدلّة القائلین بالحرّمة، فنقول:

الأدلّة

ذکر فخر المحقّقین ثلاثة أدلّة على الحرمة، هی:

1 ـ الإستدلال بمسألة المشتق، وأنّه حقیقة فی الأعم ممّن تلبس بالمبدأ وممّن انقضى عنه، والصغیرة کانت أمس زوّجة فیصدق حینئذٍ على الکبیرة أنّها اُمّ الزوّجة، فیشملها قوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ)(1).

والجواب: هذا الاستدلال مبنیّ ـ کما هو واضح ـ على القول بأنَّ المشتق حقیقة فی الأعم ممّن تلبس بالمبدأ وممّن انقضى عنه، ولکنّنا نرى أنّ المشتق حقیقة فی خصوص من تلبس بالمبدأ، إلاّ إذا قامت قرینة على الأعم، والصغیرة لیست زوّجة فعلاً.

إن قلت: إنَّ قوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ) لیس مشتقاً، لأنّ المشتق لابدّ أن یکون اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة أو صیغة مبالغة...

قلنا: أجاب عن ذلک فی (الکفایة) بأنّ المشتق الاُصولی غیر المشتق النحوی، حیث یقصد به فی الاُصول کلّ شیء له دلالّة على صفة.

2 ـ ما ذکره بقوله: (لأنّ عنوان الحکم) وهو: (وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ)، (لا یشترط صدقه حال الحکم، بل لو صدق قبله کفى، فیدخل تحت قوله: (وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ)(2).

والجواب: أنَّ هذا الاستدلال فی الواقع هو نفس الاستدلال السابق، وإن کان فخر المحقّقین ـ رحمه الله ـ قد ذکره بعنوان دلیل مستقل.

3 ـ أنّ الرضاع مساوٍ للنسب، لأنّه یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب، فکلّ ما یحرم فی النسب یحرم فی الرضاع، وفی النسب تحرم الربیبة حتّى لو کان قد طلّق اُمّها، بحیث إنَّ الاُمّ بعد الطلاق ذهبت فتزوّجت من آخر وأنجبت بنتاً فإنّ هذه البنت تکون محرّمة على الزوّج الاُوّل؛ لأنّه یصدق علیها عنوان الربیبة. وهذا الحکم إجماعی وعلیه روایة صحیحة، والحال أنّها ابنة زوّجته السابقة، فلماذا لا یقال بمثل ذلک فی: (وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِکُمْ)؟ بمعنى أن الصغیرة کانت زوّجة بالأمس، فإذا أرضعتها الزوّجة الکبیرة فإنّه یصدق علیها أنّها اُمّ للزوّجة.

والجواب: أنّه یمکن تصوّر حصول فردٍ لربائبکم بعد طلاق الزوّجة، وذلک بأن تتزوّج من آخر وتنجب منه بنتاً، فإنَّ هذه البنت تکون محرّمة على الزوّج الاُوّل، ولکنه لا یتصوّر حصول فردٍ من اُمهات نسائکم بعد خروج الزوّجة عن الزوّجیة، فلو فرضنا نّه کان للإنسان زوجة صغیرة مثلاً ثمّ طلّقها فهل یمکن أن یحصل لها اُمّ نسبیّة اُخرى فی المستقبل؟ لا یتصوّر ذلک، لأنّها إنّما تتولّد مرّة واحدة. وعلى هذا فإن یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب لا یتصوّر فی اُمّ اُخرى للزوّجة، فلا تکون حراماً.

وبعبارة اُخرى: عندما یکون الإنسان متزوّجاً من امرأة فإنَّ اُمّها تکون حراماً علیه حرمة أبدیّة، وتبقى حراماً علیه حتّى بعد طلاق ابنتها، لا أنّها تکون حراماً لأنّها فعلاً اُمّ للزوّجة.

إذن، لا یمکن قیاس اُم الزوّجة بالربیبة.

والنتیجة هی أنّ الزوّجة الکبیرة الثانیة بحسب القاعدة تکون حلالاً، لأنّها فعلاً اُمّ من کانت زوّجة، والمشتق حقیقة فی خصوص من تلبس بالمبدأ، ویؤیّد مقتضى القاعدة روایة علی بن مهزیار.

إذن، لیس الدلیل على الحلیّة منحصراً بروایة ابن مهزیار حتّى یقال بأنّها ضعیفة سنداً. فلا یبقى دلیلٌ على الحلیّة، بل الدلیل أوّلاً هو مقتضى القاعدة، ویؤیدها روایة ابن مهزیار، خصوصاً أنّها تذکر علّة الحکم حیث قال الإمام ـ علیه السلام ـ: ((فأمّا الأخیرة فلم تحرم علیه کأنّها أرضعت ابنته)(3).

الأمر الرابع:

ما مرّ معنا إلى الآن کان فی حصول الحرّمة الأبدیة، وقد تبیّن أنّه فی الصورتین الاُوّلى والثانیة تحرم بالرضاع کلتا الزوجتین الکبیرة والصغیرة، وفی الصورة الثالثة تحرم الصغیرة فقط دون الکبیرة؛ وأمّا بالنسبة لانفساخ العقد فإنّه یحکم به فی تمام الصور الثلاث، لأنّه فی تمام هذه الصور تکون الصغیرة بنتاً والکبیرة اُمّاً لها، ولا یجوز الجمع بین الاُمّ وابنتها فی نکاح واحد، تماماً کما لو جُمع بینهما فی صیغة عقد واحد، وترجیح نکاح إحداهما على نکاح الاُخرى بلا مرجّح، فینفسخ کلا النکاحین.

وصلّى الله على سیدنا محمدٍ وآله الطاهرین.

________________________

(1) النساء: 23.

(2) إیضاح الفوائد 3: 52.

(3) الوسائل 20: 402 ـ 403، أبواب ما یحرّم بالرضاع، ب 14، ح 1.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 1661