238-الرضاع المحرِّم

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

238-الرضاع المحرِّم

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرین.

الرضاع المحرِّم یمنع من النکاح سابقاً ویبطله لاحقاً

یقول الإمام الخمینی ـ رحمه الله ـ: (مسألة 14: الرضاع المحرّم کما یمنع من النکاح لو کان سابقاً یبطله لو حصل لاحقاً، فلو کانت له زوجة صغیرة فأرضعتها بنته أو اُمّه أو اُخته أو بنت أخیه أو بنت اُخته أو زوجة أخیه بلبنه رضاعاً کاملاً بطل نکاحها وحُرّمت علیه، لصیرورتها بالرضاع بنتاً أو اُختاً أو بنت أخ أو بنت اُخت له، فحُرّمت علیه لاحقاً  کما کانت تحرم علیه سابقاً؛ وکذا لو کانت له زوجتان صغیرة وکبیرة فأرضعت الکبیرة الصغیرة حرمت علیه الکبیرة؛ لأنّها صارت اُمّ زوجته، وکذلک الصغیرة إن کانت رضاعها من لبنه أو دخل بالکبیرة، لکونها بنتاً له فی الأوّل وبنت زوجته المدخول بها فی الثانی، نعم ینفسخ عقدها وإن لم یکن الرضاع من لبنه ولم یدخل بالکبیرة وإن لم تحرم علیه).

هذه المسألة مشتملة على فرعین:

الفرع الأوّل: فی العناوین النسبیّة، کما إذا أرضعت اُمّ الإنسان أو ابنته أو اُخته... زوجته الصغیرة.

الفرع الثانی: فی السبب، کما إذا أرضعت زوجته الکبیرة زوجته الصغیرة.

ولا یوجد فی الفرع الأوّل أی نصّ خاص، بینما الفرع الثانی فیه روایات عدیدة.

والکلام فعلاً یقع فی الفرع الأوّل، فنقول:

اُدّعی الإجماع على أنَّ الرضاع هنا یمنع من النکاح سابقاً ویبطله لاحقاً.

قال فی (الجواهر): (لا إشکال ولا خلاف فی أنّ الرضاع المحرّم یمنع من النکاح سابقاً ویبطله لاحقاً للقطع بعدم الفرق بین الابتداء والاستدامة فی ذلک، کما تطابقت علیه النصوص والفتاوى من الخاصة، بل والعامة)(1).

وقال النراقی ـ قدّس سرّه ـ فی (المستند): (بلا خلافٍ کما صرّح به بعضهم، واتفاقاً کما قاله بعض آخر، بل هو إجماعی حقیقةً)(2).

وقال فی (کشف اللثام): (وکما یمنع الرضاع النکاح سابقاً، کذا یبطله لاحقاً اتفاقاً)(3).

وقال المرحوم السیّد السبزواری ـ قدّس سرّه ـ: (مضافاً إلى إجماع المسلمین)(4).

إذن، لا خلاف فی أنَّ الرضاع المحرِّم یمنع من النکاح سابقاً ویبطله لاحقاً.

الأدلّة

1 ـ الإجماع.

وفیه أنّه مع وجود أدلّة اُخرى على هذا الحکم یکون الإجماع مدرکیاً وغیر کاشف عن قول المعصوم ـ علیه السلام ـ فلا یکون حجّة.

2 ـ التمسّک بإطلاقات ((یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب))(5)، حیث إنّها بإطلاقها تشمل السابق واللاحق، فالاُخت الرضاعیة اُخت، سواء حصلت سابقاً على العقد أم لاحقاً له.

إن قلت: إنَّ القاعدة منصرفة إلى الرضاع السابق على العقد.

قلنا: هذا الإنصراف ضعیف؛ لأنّه بعد أن ترتضع هذه الزوجة الصغیرة من اُمّ الزوج فإنّها تصبح اُختاً لزوجها، فلا یمکن أن یقال بعدم حرمتها علیه؛ لأنّ ارتضاعها من اُمّه کان لاحقاً للعقد. وإذا فرض قبول دعوى الانصراف هذه فإنّه لا شکّ یُلتزم بحرمتها على إخوته بسبب هذا الرضاع، فکیف یمکن هذا التفکیک؟

3 ـ التمسّک بإطلاقات الآیات والروایات الواردة فی العناوین الخاصة، کما فی قوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُکُمُ اللاَّتِی أَرْضَعْنَکُمْ وَأَخَوَاتُکُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ)(6). حیث إنّ هذه الآیات والروایات مطلقة تشمل حالتی السبق واللحوق على  السواء.

4ـ التمسّک بالروایات التی یُستدلّ بها فی الفرع الآتی ـ أی فیما لو أرضعت الزوجة الکبیرة الزوجة الصغیرة ـ وذلک بأن یقال: ما هو الفرق بین المقامین؟ هناک المرضعة هی الزوجة الکبیرة وهنا المرضعة هی الاُمّ مثلاً، حتّى أنّه لعلّ الاُمّ أولى فی حصول الحرمة لکونها نسبیّة؛ أو أنّه یتعدّى من تلک المسألة إلى هذه بإلغاء الخصوصیة.

5 ـ ولم نر أحداً ذکر هذا الدلیل، وهو التمسّک بروایة علی بن مهزیار التی مرّت معنا فی مبحث نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن.

عن علی بن مهزیار، قال: سأل عیسى بن جعفر بن عیسى أبا جعفر الثانی ـ علیه السلام ـ: إنّ امرأة أرضعت لی صبیّاً، فهل یحلّ لی أن أتزوّج ابنة زوجها؟ فقال لی: ((ما أجود ما سألت، من ههنا یؤتى أن یقول الناس: حُرّمت علیه امرأته من قبل لبن الفحل، هذا هو لبن الفحل لا غیره)) فقلت له: الجاریة لیست ابنة المرأة التی أرضعت لی هی ابنة غیرها، فقال: ((لو کُنَّ عشراً متفرقات ما حلّ لک شیء منهنَّ وکُنَّ فی موضع بناتک))(7).

والروایة واضحة فی کون الرضاع لاحقاً للعقد، وذلک من تعبیره ـ علیه السلام ـ بـ ((حُرّمت علیه امرأته)) . کما أنّه یفهم من صدرها کون المرضعة هی الاُمّ، فتکون واردة فی محلّ الکلامنا. فالمشهور القائلون بصحة هذه الروایة لماذا لم یستدلّوا بها فی المقام؟

نعم، نحن شککنا فی صحّتها ولذا لا تکون دلیلاً عندنا بل مؤیّداً فقط.

وأمّا الفرع الثانی: وهو أنَّ ترضع الزوجة الکبیرة الزوجة الصغیرة ـ ففیه ثلاث صور:

الصورة الاُوّلى: أن ترضع الزوجة الکبیرة الزوجة الصغیرة من لبن هذا الزوج، والکبیرة أحیاناً یکون مدخولاً بها وأحیاناً لا یکون، وذلک کما لو حملت نتیجة إراقة الماء على باب الفرج. وقد مُثّل له فی (الجواهر) بوطئ الشبهة.

والفتوى هنا هی أنّه یبطل نکاح کلتا الزوجتین، أمّا الصغیرة فلأنّها تصبح بالرضاع ابنة زوجها، وأمّا الکبیرة فلأنّها تصبح به اُمّاً لزوجته.

الصورة الثانیة: أن ترضع الکبیرة الصغیرة من لبن غیر هذا الزوج، ونفترض أنَّ هذا الزوج قد دخل بالکبیرة. والفتوى هنا أیضاً هی بحرمة کلتا الزوجتین، أمّا الکبیرة فلما مرّ من أنّها تصبح بالرضاع اُمّاً لزوجته، وأمّا الصغیرة فلأنها تصبح ربیبة له من زوجته التی دخل بها.

الصورة الثالثة: نفس الصورة الثانیة ولکن من دون أن یکون هذا الزوج قد دخل بالکبیرة . وهنا أیضاً یفتون بانفساخ عقد الکبیرة لعین ما ذُکر سابقاً، وأمّا الصغیرة فإنّه ینفسخ عقدّها أیضاً ولکن لا تحرم علیه أبداً؛ لأنّه لم یدخل باُمّها ـ الرضاعیة بحسب الفرض ـ فیجوز له تجدید العقد علیها.

هذه هی الصور المتصوّرة فی المسألة، وسوف یأتی فی الدرس القادم إن شاء الله الاستدلال على هذه الأحکام.

________________________

(1) الجواهر 29: 324.

(2) المستند 16: 294.

(3) کشف اللثام 7: 148.

(4) مهذّب الأحکام 25: 38.

(5) الوسائل 20: 371، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 1، ح 1.

(6) النساء: 23.

(7) الوسائل 20: 391، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 6، ح 10.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 1720