235-شرائط الرضاع المحرِّم

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

235-شرائط الرضاع المحرِّم

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرین.

نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن

کان الکلام فی مقتضى القاعدة فی المقام، وقد قلنا بأنّ مقتضاها هنا هو الحلیّة، ولأجل مزید التوضیح لما تقدّم نقول:

من الممکن أن تکون اُخت ولد الإنسان ابنة له، ومن الممکن أیضاً أن لا تکون ابنته، وذلک کما إذا کانت اُخت ولده من اُمّه فقط، وهی هنا لا تحرم على أبی أخیها إلاّ إذا کانت ربیبة له، ومن المعلوم أنّ حرمة الربیبة تتوقف على الدخول باُمّها. هذا فی النسب، وفی مقامنا لم یدخل أبو المرتضع فی اُمّ اُخت ولده من الرضاعة ـ أی فی المرضعة ـ، فلا تحرم الابنة علیه.

إذن، حرمتها هنا إن حصلت فهی من باب المصاهرة لا النسب، فلا تشملها قاعدة (یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب). هذا أوّلاً.

وثانیاً: سلّمنا فرضاً بأنّ أخت ولد الإنسان تکون ابنة له، ولکن الذی یحرم عند المشهور هو العناوین السبعة النسبیة لا لوازمها العقلیة؛ والفتاة هنا هی اُخت الولد وبعنوان التزامی تکون ابنة. وسوف یأتی فی المسألة الرابعة من مسائل التنبیهات أنّ الحرمة مشروطة بثبوت نفس العناوین السبعة لا لوازمها العقلیة.

إذن، لیس هناک وجه ـ بحسب القواعد ـ لحرمة أولاد صاحب اللبن والمرضعة على أبی المرتضع.

إن قلت: إنّ ما ذکرتموه من توقف حرمة اُخت ولد الإنسان من اُمّه على الدخول باُمّها صحیح، ولکن الاُخت فی المقام لیست اُختاً من الاُمّ فقط بل هی شقیقة، باعتبار أنها ارتضعت وأخیها من لبن نفس المرضعة وفحلها، فهما أخ واُخت من نفس الأب والاُمّ، فینبغی أن تکون حراماً على أبی المرتضع.

قلنا: هذا یصح فی العلاقة بین المرتضع وصاحب اللبن، حیث إنّه یکون ابناً له وأخاً لأولاده من نفس الأب والاُمّ، غایة الأمر بالرضاعة لا بالنسب، ولکنّ النسبة فی مقامنا هی بین أبی المرتضع وبنات صاحب اللبن والمرضعة، وهُنّ لسن بناتاً له. نعم، هُنَّ أخوات ابنه من الرضاعة، فلا یحرمن علیه إلاّ إذا صدق فی حقهنّ عنوان الربیبة کما ذکرنا.

3 ـ الروایات الخاصة:

وبعدما تبیّن أنّ مقتضى الأصل والقاعدة هو الحلیّة لابد من أن تثبت الحرمة بنصوص مُحکمة لکی یخرج عن مقتضى الأصل، وفی هذا المجال یوجد ثلاث روایات:

الروایة الاُولى: عن علی بن مهزیار قال: سأل عیسى بن جعفر بن عیسى أبا جعفر الثانی ـ علیه السلام ـ: إنّ امرأة أرضعت لی صبیّاً، فهل یحلّ لی أن أتزوّج ابنة زوجها؟ فقال لی: ((ما أجود ما سألت، من ههنا یؤتى أن قول الناس: حرمت علیه امرأته من قبل لبن الفحل، هذا هو لبن الفحل لا غیره))، فقلت له: الجاریة لیست ابنة المرأة التی أرضعت لی هی ابنة غیرها، فقال: ((لو کُنّ عشراً متفرّقات ما حلّ لک شیء منهنّ وکُنّ فی موضع بناتک))(1).

والملاحظة الموجودة فی دلالة هذه الروایة هی فی قوله ـ علیه السلام ـ: ((من ههنا یؤتى أن یقول الناس حرمت علیه امرأته))، حیث إنّه یدلّ على أنّ هذه المسألة کانت مشهورة آنذاک وجاریة على الألسن، مع أننا لم نجد ذکراً لها إلاّ فی هذه الروایة.

کما أنّ المذکور فی آخر الروایة هو: ((وکُنّ فی موضع بناتک))، أی أنّ بنات صاحب اللبن هُنَّ بمنزلة بنات أبی المرتضع، لماذا؟ لأنهنّ أخوات ابنه من الرضاعة.

ولنا على ذلک عدّة ملاحظات:

الاُوّلى: أنّ اُخت الابن الرضاعیة لا تکون ابنة، لأنها لیست إلاّ اُختاً لابنه من ناحیة الاُمّ، وهی على أحسن تقدیر کالاُخت من الاُمّ نسباً لا تحرم على الأب إلاّ إذا کانت ربیبة مدخولاً باُمّها. وعلى هذا لیس هناک معنى لأن تکون بنات صاحب اللبن بمنزلة بنات أبی المرتضع.

الثانیة: أنّ المشهور لم یقبلوا مثل هذه الدلالات الالتزامیة فی باب الرضاع، بل قالوا بأنّه لابدّ من صدق العناوین السبعة حتى تحصل الحرمة؛ وإذا قُبلت مثل هذه الدلالات الالتزامیة فإنّه یجب حینئذٍ القول بحرمة الکثیرین، فیحرم مثلاً تمام أولاد صاحب اللبن الذکور على بنات أبی المرتضع، لأنهم جمیعاً اُخوة وأخوات من الرضاعة بحسب هذه الدلالة الالتزامیة.

اللهم إلاّ أن یقال بحمل هذه الروایة على الکراهة، ویکون مقصود الإمام ـ علیه السلام ـ من قوله: ((وکنّ فی موضع بناتک)) تشبیههنّ ببناته، فیکون ترک الزواج منهنّ أفضل لذلک. ونظیره کراهة الزواج من القابلة لشبهها بالاُمّ.

فإذا قیل بهذا الحمل فإنّه تنحل المشکلة الدلالیة من هذه الروایة. هذا من ناحیة الدلالة. وأمّا من ناحیة السند فإنّه قد وصفت هذه الروایة بالصحیحة باعتبار وثاقة جمیع رجال السند إلى علی بن مهزیار.

ولکن لنا کلام فی ذلک هو

أنّ عیسى بن جعفر بن عیسى شخصٌ مجهول الحال ولیس له إلاّ هذه الروایة فی المصادر الروائیة، والکلام یقع فی أنّه هل سأل الإمام ـ علیه السلام ـ مشافهةً أو کتابةً؟ لأنّ علی بن مهزیار کان فی الأهواز، والإمام الجواد ـ علیه السلام ـ کان فی بغداد، ومع ملاحظة أحوال تلک الفترة یکون من البعید حضوره عند الإمام حین سؤال عیسى لمسألته من الإمام ـ علیه السلام ـ وإجابة الإمام ـ علیه السلام ـ علیها؛ ولذا یحتمل قویاً أن یکون السؤال قد حصل عن طریق المکاتبة، فاعتمد علی بن مهزیار على عیسى بن جعفر حینما أخبره بمضمونها، أو أنه اطّلع بنفسه على کتاب الإمام ـ علیه السلام ـ وکان عارفاً بخطه علیه السلام.

إذن، وإن کان علی بن مهزیار ثقة ولکن لا أقل من احتمال المکاتبة فی هذه الروایة.

ونحن نعتقد بأنّ الراوی الأخیر عن الإمام ـ علیه السلام ـ هو عیسى بن جعفر لا علی بن مهزیار، لأنّه لو کان علی بن مهزیار فإنّ سیاق الروایة حینئذٍ یکون کالتالی: کنت جالساً عند الإمام ـ علیه السلام ـ وجاء عیسى بن جعفر وقال للإمام کذا، ثمّ أجابه الإمام ـ علیه السلام ـ بکذا، مع أنّ الموجود فی الروایة هو: سأل عیسى بن جعفر... فقال لی:...، فقلت له: ...؛ فیعلم من ذلک أنّ علی بن مهزیار لم یکن حاضراً عند الإمام علیه السلام، وأنّ السائل هو عیسى بن جعفر، وغیر ذلک یکون هناک خطأ فی العبارة من ناحیة الضمائر. وإذا کان عیسى بن جعفر هو الراوی المباشر عن الإمام ـ علیه السلام ـ فإنّ الروایة حینئذٍ تکون غیر معتبرة.

وصلّى الله على سیدنا محمدٍ وآله الطاهرین.

___________________

(1) الوسائل 20: 391، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 6، ح10.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 1703