234-شرائط الرضاع المحرِّم

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

234-شرائط الرضاع المحرِّم

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمدٍ وآله الطاهرین.

اشتراط وحدة الفحل فی حصول العمومة والخؤولة الرضاعیتین

یقول الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ: (مسألة 11 ـ قد عرفت فیما سبق أنّه یشترط فی حصول الاُخوة الرضاعیة بین المرتضعین اتّحاد الفحل، ویتفرّع على ذلک مراعاة هذا الشرط فی العمومة والخؤولة الحاصلتین بالرضاع أیضاً، لأنّ العم والعمة أخ واُخت للأب، والخال والخالة أخٌ واُختٌ للاُمّ، فلو تراضع أبوک أو اُمّک مع صبیة من امرأة فإن اتّحد الفحل کانت الصبیة عمتک أو خالتک من الرضاعة بخلاف ما إذا لم یتّحد، فحیث لم تحصل الاُخوة الرضاعیة بین أبیک أو اُمّک مع الصبیة لم تکن هی عمتک أو خالتک، فلم تحرم علیک).

هذه المسألة فی الحقیقة فرعٌ من فروع مسألة اتّحاد الفحل، حیث إنّه إذا توفرت هذه الشرطیة وحصلت الحرمة الرضاعیة فإنّه تسری الحرمة إلى سائر الطبقات التی تحرم بالنسب، مثل العمومة والخؤولة.

والدلیل على هذه المسألة هو الروایات القائلة: ((یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب))(1)، والعمومة والخؤولة حرام نسباً فتحرم بالرضاعة.

نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن

یقول الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ: (مسألة 12 ـ لا یجوز أن ینکح أبو المرتضع فی أولاد صاحب اللبن ولادةً بل ورضاعاً على الأحوط، وکذا فی أولاد المرضعة نسباً لا رضاعاً، وأمّا أولاده الذین لم یرتضعوا من هذا اللبن فیجوز نکاحهم فی أولاد صاحب اللبن وفی أولاد المرضعة التی أرضعت أخاهم وإن کان الاحتیاط لا ینبغی ترکه).

هذه المسألة مهمّة جداً ومحل للابتلاء الشدید خصوصاً فیما إذا أرضعت الجدّة للاُمّ ولد ابنتها، حیث إنّه یصبح الولد أخاً لاُمّه بالرضاعة، فتحرم حینئذٍ الاُمّ على زوجها أبی المرتضع؛ لأنّه یحرم على أبی المرتضع أن ینکح فی أولاد صاحب اللبن.

وفی المسألة ثلاثة فروع لابدّ من البحث فیها تباعاً، هی:

الفرع الأوّل: نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن نسباً ورضاعاً.

الفرع الثانی: نکاح أبی المرتضع فی أولاد المرضعة نسباً ورضاعاً.

الفرع الثالث: نکاح إخوة المرتضع فی أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة.

الفرعان الأول والثانی: نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن أو المرضعة نسباً ورضاعاً.

الأقوال:

اُدّعی على عدم الجواز هنا الشهرة والإجماع، والإجماع غیر حاصل قطعاً على ما سوف یتضح قال الشیخ فی (الخلاف): (إذا حصل بین صبیّین الرضاع الذی یحرم مثله فإنّه ینشر الحرمة إلى إخوتهما وأخواتهما وإلى من هو فی طبقتهما ومن فوقهما من آبائهما، وقال جمیع الفقهاء خلاف ذلک. دلیلنا: إجماع الفرقة، وأیضاً قوله ـ علیه السلام ـ: یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب...)(2).

وقال فی (الجواهر): (... وفاقاً للشیخ فی غیر (المبسوط) وابنی حمزة وإدریس، بل نسبه بعضهم إلى الشهرة، بل ربما اُدّعی الإجماع علیه)(3)، إذن فالشیخ الطوسی ـ قدّس سرّه ـ یقول بالحرمة فی کل کتبه ما عدا (المبسوط).

وقال فی (کشف اللثام): (ویحرم أولاد الفحل ولادةً ورضاعاً وأولاد زوجته المرضعة ولادةً لا رضاعاً على أب المرتضع، على رأی موافق لرأی الشیخ فی کتبه وابنی حمزة وإدریس والمحقّق، وخالف القاضی) ابن البراج، (فی (المهذّب) فی أولادها ولم یتعرّض لأولاده)(4) فالأقوال إلى هنا ثلاثة:

الأوّل: ونُسب إلى المشهور، أنّه یحرم.

الثانی: ونُسب إلى الشیخ فی بعض کتبه وإلى بعض غیره من الفقهاء، أنّه جائز.

الثالث: أنّه یجوز لأبی المرتضع أن ینکح فی أولاد المرضعة، وأمّا فی أولاد صاحب اللبن فإنّ هذا القول ساکت عنه.

وهناک قول رابع بالاحتیاط اختاره فی (الریاض)، حیث إنّه بعد أن نقل قول الشیخ فی (المبسوط) وقول القاضی فی (المهذّب) بالحلیّة قال: (وهو قویّ لولا هذه الأخبار الصحیحة المعتضدة بالشهرة العظیمة، ومراعاة الاحتیاط المطلوبة فی الشریعة... وکیف کان، الاحتیاط لا یترک فی المسألة)(5).

وقال الشیخ ـ قدّس سرّه ـ فی (المبسوط): (وروى أصحابنا أنّ جمیع أولاد هذه المرضعة وجمیع أولاد الفحل یحرمون على هذا المرتضع، وعلى أبیه وجمیع إخوته وأخواته، وأنّهم صاروا بمنزلة الإخوة والأخوات، وخالف جمیعهم فی ذلک)(6).

أی أنّ جمیع الأصحاب قد خالفوا هذه الروایات، والظاهر أنّه ـ قدّس سرّه ـ أیضاً کذلک. إذن کیف ینسجم ما اُدّعی من شهرة هذه الروایات عند الأصحاب مع ما ذکره الشیخ هنا؟

وقال الفاضل الآبی ـ قدّس سرّه ـ: (والأشبه فیها أنّ أولاد صاحب اللبن ولادةً ورضاعاً لا یحرمون على أب المرتضع لقولهم ـ علیهم السلام ـ: ((یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب))، وهنا لا یحرم من النسب، فلا یحرم من الرضاع. لکن ذهب الشیخ فی (النهایة) و (الخلاف) وأتباعه إلى تحریم ذلک، تمسکاً بما رواه علی بن مهزیار(7) ... وبما ذکره الشیخ فی (التهذیب) عن أیوب بن نوح(8) ...، وما أعرف فی هذه المسألة مخالفاً، فهی مشهورة بین الأصحاب وعلیها العمل)(9).

وما هو معنى (ما أعرف فی المسألة مخالفاً)، هل المخالفة مع الحلیّة أو المخالفة مع الحرمة؟ إذا قلنا بأنّ مراده هو المخالفة مع الحلیّة فإنّ ذلک ینسجم مع صدر کلامه حیث قال: (لا یحرمون على أب المرتضع)، ولکن یرد حینئذٍ بأنّه فی ذیل کلامه عرّف الشیخ بأنّه مخالف؟!

اللهم إلاّ أن یقال بأنّه لا یوجد مخالف غیر الشیخ الطوسی وأتباعه. وإذا قیل: إنّ المحقّق فی (الشرائع) والذی هو اُستاذ الفاضل الآبی یفتی أیضاً بالحرمة، فإنّه یقال: یمکن توجیه ذلک بأنّ مقصود الفاضل الآبی من عبارته أنّه لا یعرف مخالفاً فی المسألة من القدماء إلاّ الشیخ وأتباعه.

وعلى کل حال، هذه الأقوال تدلّ على کون المسألة اختلافیة.

وقال المحقّق الثانی: (وأمّا أولاد الفحل ولادةً ورضاعاً، فإنّ فی تحریمهنّ على أب المرتضع قولین للأصحاب: أحدهما: ـ واختاره الشیخ فی (المبسوط) ـ عدم التحریم، لأنّ أخت الابن من النسب إنّما حرمت لکونها بنت الزوجة المدخول بها، فتحریمها بسبب الدخول باُمّها، وهذا المعنى منتفٍ هنا، والنبی ـ صلّى الله علیه وآله ـ قال: ((إنّما یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب)) ولم یقل: یحرم من الرضاع ما یحرم من المصاهرة)(10).

الأدلة:

1 ـ الأصل: وهو یقتضی هنا البراءة والإباحة.

2 ـ القاعدة: وهی: ((یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب))، وطبقاً لهذه القاعدة علینا أن نقول هنا بالحلیّة، لأننا نعتقد بأنّ هذه القاعدة والروایات المربوطة بها یستفاد منها الحصر، أی أنّ المحرّمات الرضاعیة مثل المحرّمات النسبیة لا غیر، وإذا کانت القاعدة تشمل المحرّمات بالمصاهرة لکان یجب بیان ذلک.

هذا من ناحیة، ومن ناحیة اُخرى المناسب للحرمة فی المقام موضوعاً وحکماً هو أن یحلّ الرضاع محلّ النسب بسبب الشبه القائم بینهما، من جهة أنّ کلاً من الرضاع والنطفة ینبت اللحم، بینما لا یوجد تناسب بین المصاهرة والنسب فی ذلک.

قال فی (الجواهر) فی معرض مناقشته فی دلالة هذه القاعدة على الحصر: (ومع التسلیم ـ بل لعلّه الظاهر المنساق منها، خصوصاً بعد ذکرها فی مقام التحدید والبیان ـ یجب تخصیصها بما هنا)(11).

إذن، المستفاد من القاعدة هو حصر المحرّمات الرضاعیة بالعناوین النسبیة.

هذا من ناحیة الکبرى، وأمّا الصغرى فهی أنّ ما نحن فیه من قبیل المصاهرة لا من قبیل النسب، لأنّ أولاد صاحب اللبن أو أولاد المرضعة إنّما یحرمون ـ بحسب الفرض ـ على أبی المرتضع من جهة أنّهم إخوة وأخوات للمرتضع، واُخت الإنسان ـ وهو المرتضع فی المقام ـ  لا تحرم على أبیه من ناحیة النسب، بل إنّما تحرم من ناحیة المصاهرة فیما إذا صدق علیها عنوان الربیبة، ومن الواضح أنّ حرمة الربیبة هی حرمة ناتجة عن المصاهرة.

فإذا ضممنا هذه الصغرى إلى الکبرى السابقة نستفید أنّه بحسب القاعدة لا یمکن الحکم بحرمة اُخت المرتضع الرضاعیة على أبیه.

وصلّى الله على سیدنا محمدٍ وآله الطاهرین.

________________________

(1) الوسائل 20: 371، أبواب ما یحرم من النسب، ب 1، ح 1.

(2) الخلاف 2: 163.

(3) الجواهر 29: 314.

(4) کشف اللثام 7: 146.

(5) الریاض 6: 449 ـ 450.

(6) المبسوط 5: 292.

(7) الوسائل 20: 391 ـ 392، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 6، ح 10.

(8) الوسائل 20: 404، أبواب ما یحرم بالرضاع، ب 6، ح 1.

(9) کشف الرموز 2: 127.

(10) جامع المقاصد 12: 229.

(11) الجواهر 29: 316.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 1709