271-المصاهرة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

271-المصاهرة

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرین.

حرمة معقودة الأب على ابنه وبالعکس

3 ـ الإجماع

حیث إنّ هذه المسألة بین الشیعة والسنّة من المسلّمات، ولیس فیها اختلاف بینهم، ولکن المبنى المعتمد فی الإجماع عند المتأخرین هو الکشف، والإجماع المدرکی لا یمکن أن یکون حجة. نعم، یمکن الاستفادة منه فی بعض الموارد التی لیس لها دلیل واضح.

الروایات المعارضة

1 ـ عن أبی الجارود [وفیه تأمّل] قال: سمعت أبا عبد الله ـ علیه السلام ـ یقول: وذکر هذه الآیة: (وَوَصَّیْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَیْهِ حُسْناً)(1) فقال: ((رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلم ـ أحد الوالدین)). فقال عبد الله بن عجلان: ومن الآخر؟ قال: ((علیّ ونساؤه علینا حرام وهی لنا خاصة))(2).

أی أنّ حرمة زوجة الأب خاصة بنا، ولا تحرم على الآخرین، فهل أنّ معنى ((هی لنا خاصة)) هو ما ذکر أو لا؟

یذکر العلامة المجلسی ـ رحمه الله ـ فی (مرآة العقول)(3) تفسیرین لهذا الحدیث:

1 ـ أنّ هذه الجملة إشارة إلى النبی صلّى الله علیه وآله وسلم، یعنی أنّ حرمة أزواج النبی ـ صلّى الله علیه وآله وسلم ـ هی بالخصوص علینا نحن (الأئمة)؛ لأننا أبناؤه صلّى الله علیه وآله وسلم، وبالعموم على جمیع الناس.

وبعبارة اُخرى: حرمتهنَّ على جمیع الناس دلیلها قوله تعالى: (وَلا أَن تَنْکِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً) (الأحزاب: 53)، وأمّا حرمتهنَّ على الأئمة ـ علیهم السلام ـ فدلیلها أنّهم ـ علیهم السلام ـ أبناؤه صلّى الله علیه وآله وسلم.

فتکون الروایة بناء على هذا التفسیر من جملة الروایات التی تدل على أنّ الأئمة ـ علیهم السلام ـ أبناء رسول الله صلّى الله علیه وآله وسلم، ولا ربط لها بما نحن فیه.

وفیه: أنّه تفسیر جید ولکنّه خلاف الظاهر؛ لأنّه قد أرجع فیه الضمیر ((هی)) إلى الأبعد فی الجملة، وهو رسول الله صلّى الله علیه وآله وسلم، لا إلى الأقرب، وهو علی علیه السلام، والحال أنّ القاعدة فی باب الضمائر هی رجوعها إلى الأقرب.

2 ـ أنّ أزواج النبی ـ صلّى الله علیه وآله وسلم ـ حرام على جمیع الاُمّة، وأمّا أزواج علی ـ علیه السلام ـ فهنَّ حرامٌ على بنی هاشم خاصة، أی حرامٌ حتى على أولاد العم لا فقط على الأئمة علیهم السلام، وذلک احتراماً لعلی بن أبی طالب علیه السلام.

وفیه: أنّه بناء على هذا التفسیر لا تکون الروایة معارضة لما سبق.

وسلّمنا ـ فرضاً ـ أنّها من الروایات المعارضة ولکن لا یمکنها أن تقف فی مقابل القرآن والروایات الکثیرة وإجماع المسلمین، خصوصاً أنها ضعیفة السند.

2 ـ عن یونس بن یعقوب قال: قلت لأبی إبراهیم موسى ـ علیه السلام ـ: رجل تزوّج امرأة فمات قبل أن یدخل بها، أتحل لابنه؟ فقال: ((إنّهم یکرهونه؛ لأنه ملک العقدة))(4).

والمقصود من ((إنّهم)) العامّة، فلماذا یتحدّث ـ علیه السلام ـ بهذه الطریقة، هل کان فی مقام التقیّة؟ إنّ هذه المسألة مسلّمة بین العامّة والخاصة، فعدم تصریحه ـ علیه السلام ـ بالحرمة نقطة إبهام فی الروایة.

والجواب: من غیر المعلوم کون الکراهة فی الروایة بمعنى ینسجم مع الجواز، بحیث یکون معنى الروایة هو جواز نکاح زوجة الأب، غایة الأمر على کراهة؛ وذلک لأنّ الکراهة فی اصطلاح الفقهاء لها معنى غیر الکراهة فی اللغة، فعندما نقول: (کلّ مکروه جائز) نتحدث بحسب الاصطلاح الفقهی، والحال أنّ المعنى اللغوی أعم من الحرمة والکراهة الاصطلاحیة.

وقد استعملت الکراهة فی آیات کثیرة من القرآن فی الحرمة أو فی معنى قریب منها کما فی: (کُلُّ ذَلِکَ کَانَ سَیِّئُهُ عِنْدَ رَبِّکَ مَکْرُوهاً)(5) والمذکور قبل هذه الآیة بعض الذنوب الکبیرة، مثل: الزنا، وقتل النفس، وأکل مال الیتیم... فهل أنّ کل ذلک مکروه أو محرم؟ فیعلم أن الکراهة مستعملة فی الحرمة.

أضف إلى ذلک أنه فیما یقرب من سبعة موارد ورد فی القرآن مثل: (وَلَو کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ)(6) و(وَلَوْ کَرِهَ الْکَافِرُونَ)(7). ومن الواضح أنّ کراهة المشرکین والکافرین للإسلام کانت شدیدة، وبمعنى البغض، فهی شبیهة بالحرمة فی الأحکام.

وعلیه لا تکون هذه الروایة دلیلاً على المخالفة والمعارضة، ولو فرض أنّها کذلک فإنّه لا یمکنها أن تقف فی قبال القرآن والروایات الکثیرة والإجماع.

وصلّى الله على سیدنا محمدٍ وآله الطاهرین.

_______________________

(1) العنکبوت: 8.

(2) الوسائل 20: 413، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، الباب2، ح3.

(3) مرآة العقول 20: 176.

(4) الوسائل 20: 415، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب2، ح9.

(5) الإسراء: 38.

(6) التوبة: 33، الصف: 9.

(7) التوبة: 32، غافر: 14، الصف: 8.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 1956