285-المصاهرة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

285-المصاهرة

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرین.

لا فرق بین الزنا فی القبل أو الدبر

یقول الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ: (مسألة 6: لا فرق فی الحکم بین الزنا فی القبل أو الدبر وکذا فی الشبهة).

هذه المسألة والمسألة اللاحقة من فروع المسألة الخامسة، والمراد بیانه فی هذه المسألة هو أنّه عند الحکم بالزنا أو وطء الشبهة تثبت الأحکام المترتبة علیهما سواء کان الدخول قد حصل فی القبل أم فی الدبر، فتثبت الحرمة على المشهور، وکذا الکراهة عندنا فیما إذا کان قد حصل الدخول بالدبر أیضاً.

وکان الأحرى بالإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ أن یُضیف النکاح الصحیح أیضاً، کما فی حرمة الربیبة، حیث یُشترط فی حرمتها الدخول بأُمّها.

الأقوال

کثیرون من علمائنا لم یتعرّضوا لهذه المسألة، ومن تعرّض لها منهم أرسلها إرسال المسلّمات، وحکم بأنّه لا فرق بین القبل والدبر فی ذلک.

الأدلة

ذکروا لعدم الفرق ثلاث أدلة:

الدلیل الأوّل: الاستفادة من عموم الآیات السابقة، ببیان أنّ النکاح فی قوله تعالى: (وَلا تَنْکِحُوا مَا نَکَحَ آبَاؤُکُمْ...)(1) بمعنى الدخول، فیشمل الزنا، وبما أنّ هذا الدخول عامّ فإنّه یشمل الدخول فی القبل وفی الدبر على السواء.

وهکذا فی قوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِکُمْ...)(2) بناء على صدق النساء بمجرد الدخول، وحینئذٍ هو أعمّ من الدخول فی القبل أو فی الدبر، إلى غیر ذلک من آیات ذکرها العلامة فی (التذکرة).

وفیه: أوّلاً: أننا لم نقبل بأنّ النکاح یشمل الزنا، بل إنّه فی کل مورد استعمل فیه النکاح فی القرآن کان بمعنى العقد.

وثانیاً: لو سلّمنا فرضاً بأنّ النکاح بمعنى الدخول إلاّ أنّه منصرفٌ إلى الدخول المتعارف، أی الدخول فی القبل.

الدلیل الثانی: ما ذکره العلامة ـ رحمه الله ـ أیضاً فی (التذکرة) حیث قال: (تنبیه: لا فرق فی الزنا بین الوطء فی القبل أو الدبر... ولأنّه یتعلّق به) أی بالوطء فی الدبر (التحریم فیما إذا وُجد فی الزوجة والأَمة فکذلک فی الزنا)(3).

یعنی کما أنّ الدخول فی مورد الزوجة والأَمة یقال بأنّه أعمّ من الدخول فی القبل والدخول فی الدبر ففی الزنا کذلک.

وفی العبارة إبهام، ولا یبعد أن یکون المقصود بها أنّه حیث تترتب أحکام على الدخول کما فی الربیبة والأَمة مدخولة الأب أو الابن وتجری تلک الأحکام سواءٌ حصل الدخول فی القبل أم فی الدبر، ففی مورد الزنا یکون الأمر کذلک أیضاً.

وفیه: نحن نشکک فی تلک الموارد أیضاً؛ لأنّه من الممکن أن یقول أحدٌ بأنّ الظاهر من الدخول فی مورد الربیبة أیضاً خصوص الدخول فی القبل، فما جعل مسلّماً فی الاستدلال لا نسلّم به.

الدلیل الثالث: ما ذکره فی (المستمسک) من أنّ عنوان الزنا عام یصدق فی کلا الموردین(4).

وجوابه: الإنصاف أنّ عموم الزنا کذلک وشموله للدخول بالدبر بعید، والذی یصدق عادة على الدخول فی الدبر هو عنوان اللواط، وحدّه إن کان فی المماثل (أی الذکر) الإعدام، وفی غیر المماثل حدّ الزنا، ولا أقل من انصراف الزنا عن هذا المورد. وأنتم تریدون إثبات حکم شرعی مهم اعتماداً على هذا الاستدلال، وذلک شیء غیر صحیح.

ویمکننا أن نضیف دلیلین لهذا الحکم، هما:

الأوّل: أنّ بعض الروایات اشتملت على عنوان الفجور، ونحن نتصوّر بأنّ الفجور یفرق عن الزنا؛ لأنّه فی الزنا ینصرف الذهن مباشرة إلى الدخول فی القبل، ولکن الفجور معناه أوسع یشمل کلّ تلوّث جنسی.

1 ـ عن منصور بن حازم، عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ فی رجل کان بینه وبین امرأة فجور هل یتزوّج ابنتها؟ فقال: ((إن کان من قبلة أو شبهها فلیتزوج ابنتها ولیتزوّجها هی إن شاء))(5).

فالفجور معنى واسع یشمل حتى مثل القبلة.

ومفهوم هذه الروایة هو أنّه لا یجوز الزواج مع التجاوز عن مثل هذه الموارد، فمن یقول بالحرمة یقول بها هنا، ومن یقول بالکراهة ـ مثلنا ـ یفهم الکراهة هنا. ودلالة هذه الروایة لیست بالإطلاق، بل بشیء أعلى منه، حیث حددت المانع بمثل القبلة، فما یتجاوزها یمنع قطعاً.

2 ـ عن محمد بن مسلم، عن أحدهما علیهما السلام، قال: سألته عن رجل فجر بامرأة أیتزوّج أُمّها من الرضاعة أو ابنتها؟ قال: ((لا))(6).

إذن أیّ فجور یحصل سواء کان فی القبل أم فی الدبر یمنع من الزواج.

3 ـ عن الحلبی عن أبی عبد الله ـ علیه السلام ـ فی رجل تزوّج جاریة فدخل بها ثم ابتلی بها ففجر بأُمّها، أتحرم علیه امرأته؟ فقال: ((لا، إنّه لا یحرّم الحلال الحرام))(7).

والمعنى أنّ الفجور ـ أیّ فجور کان ـ إذا کان سابقاً یسبّب الحرمة أو الکراهة. ویمکن أن یکون هناک روایات غیر هذه تشتمل على عنوان الفجور.

الثانی: الروایات المشتملة على عنوان الإفضاء.

وللإفضاء معنیان:

1 ـ معنى خاص: وهو اتّحاد مسلکی الحیض والبول عند المرأة بسبب الوطء.

2 ـ معنى عام: وهو مطلق المقاربة والتماس، وقد جاء فی القرآن بهذا المعنى فی قوله تعالى: (وَکَیْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُکُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْکُمْ مِیثَاقاً غَلِیظاً)(8)، أی کیف تأخذون المهر وقد حصل تماس بینکم ومقاربة؟

والإفضاء مأخوذ من الفضاء بمعنى الوسعة والفسحة، وهو فی المعنى الأول بمناسبة الاتساع الذی یحصل فی المجرى، وفی المعنى الثانی بمناسبة الانبساط والاتساع الحاصل فی العلاقة بین هذین الوجودین (الرجل والمرأة).

والروایات مثل

1 ـ عن عیص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله ـ علیه السلام ـ عن رجل باشر امرأة وقبّل غیر أنّه لم یفض إلیها ثم تزوّج ابنتها؟ فقال: ((إن لم یکن أفضى إلى الأُمّ فلا بأس، وإن کان أفضى إلیها فلا یتزوّج ابنتها))(9).

ودلالة هذه الروایة جیدة؛ لأنّه قد ذکر فیها الطرف المقابل للتقبیل. إذن فتشمل الدخول فی القبل وفی غیر القبل.

2 ـ عن هشام بن سالم، عن برید، قال: إنّ رجلاً من أصحابنا تزوّج امرأة قد زعم أنّه کان یلاعب أُمّها ویقبّلها من غیر أن یکون أفضى إلیها ـ وعندما یذکر الإفضاء فی مقابل التقبیل یکون معناه عامّاً ـ قال: فسألت أبا عبد الله ـ علیه السلام ـ فقال لی: ((کذب، مُرْهُ فلیفارقها))، قال: فأخبرت الرجل فوالله ما دفع ذلک عن نفسه وخلّى سبیلها(10).

وهناک تعبیرات مفیدة وأساسیة فی الروایات لا نجد فی کتب القدماء أی إشارة لها.

إذن بقرینة هذه الروایات یمکننا أن نقبل الحکم المذکور فی المسألة السادسة بلا حاجة إلى الاستدلالات الثلاثة السابقة.

وصلّى الله على سیدنا محمد وآله الطاهرین.

__________________________

(1) النساء: 22.

(2) النساء: 23.

(3) التذکرة 2: 633 (الطبع القدیم).

(4) المستمسک 14: 221.

(5) الوسائل 20: 424، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب6، ح3.

(6) الوسائل 20: 427، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب7، ح1.

(7) الوسائل 20: 428 ـ 429، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب7، ح2.

(8) النساء: 21.

(9) الوسائل 20: 424، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب6، ح2.

(10) الوسائل 20: 424 ـ 425، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، ب6، ح5.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 2254