تخمين زمن المطالعة:1 الدقيقة
9 / کيف تکون وقائع المستقبل حاضرة لدى الله تعالى؟
الخلاصة : الجواب:
بُيّن مفتاح حل هذه المشکلة و المشاکل المشابهة في بحوث معرفة الله. الماضي و المستقبل و الحاضر مفاهيم من صناعة فکر وجود البشر المحدود; لأنّ: وجودنا محدود من ناحية الزمان و المکان أيضاً، يعني: أنّنا نقع على نقطة محدودة من الزمان و المکان.
تعدد وجودنا من ناحية المکان أوجد لنا مفاهيم «البعد و القرب» فلو ملأ وجودنا جميع العالم هل يبقى معنى للقرب و البعد لدينا؟!
کذلک تحددنا و تقيدنا من ناحية الزمان يصور الماضي و المستقبل و الحاضر في أذهاننا، «الحاضر» هو الزمان الذي نعيش فيه، و «المستقبل» هو الزمان اللاحق لنا، و «الماضي» هو الزمان السابق لنا، أي أنّ المقياس فى الجميع وجودنا.
لذا ما هو «زمان ماض» بالنسبة لنا کان «زماناً حاضراً» بالنسبة لمن کان يعيش قبلنا بقرن من الزمن، و هو ذاته يشکل «المستقبل» لمن کانوا يعيشون قبلنا بقرنين من الزمن!
بناءاً على هذا ليس لهذه المفاهيم أي معنى بالنسبة للوجود «غير المنتهي» الذي يوجد في کل زمان و مکان; إنّه يعتبر الماضي و المستقبل کالحاضر و يراه کذلک، و يحضر الجميع لديه بصورة متساوية.
مثلا: الشخص الذي ينظر من نافذة صغيرة من الحجرة لقافلة من الجمال، و لا يرى في کل لحظة أکثر من جمل واحد، يصور في ذهنه زمناً ماضياً و حاضراً و مستقبلا لهذه القافلة (لأنّ نافذة رؤيته محدودة) و أمّا الشخص الواقف خارج هذه الغرفة و ينظر الى تمام القافلة فيراها دفعةً واحدةً في حالة الحرکة!
بعبارة أخرى: تحظر جميع الحوادث بظرفها لدى الوجود الکائن فوق الزمان و المکان.
يصح أن نقول أنّ احداث المستقبل غير موجودة الآن، لأنّ «الآن» إشارة الى الزمان الحاضر الذي نعيش فيه، لکنّ هذا لايکون دليلا على أنّ المستقبل غير موجود في ظرفه، بل کل موجود يوجد فى ظرفه، و لا يمکن سلب ذلک فى صفحة الوجود بصورة کاملة، و يمکن القول أنّ حادثة غد غير موجودة اليوم، لکن لايمکن القول أنّها غير موجودة أصلا. (تأملوا)
سؤال:
أنتم تقولون في بحث «معرفة الله» حول علم الله: «الله عالم بجميع وقائع المستقبل و الماضي و الحاضر بصورة متساوية، و لايخفى أي موضوع على علمه، و علمه بالنسبة الى جميع تلک الوقائع و الحوادث «علم حضوري»، يعني جميع الوقائع و الظواهر حاضرة لديه، و لايوجد حجاب بينه و بين وقائع المستقبل و الماضي و الحاضر مطلقاً».
يُقبل هذا الکلام بالنسبة الى وقائع الماضى و الحاضر، لکنّه يشکل بالنسبة الى وقائع المستقبل; لأنّ الشيء الذى لم يقع ولم يوجد بعد کيف يمکنه أن يکون حاضراً لدى الله تعالى؟
لا يوجد تعليق