تخمين زمن المطالعة:1 الدقيقة
12 / ما هو البداء؟
الخلاصة : الجواب:
أصبح موضوع «البداء» للأسف ذريعةً عجيبةً لبعض مخالفي الشيعة و حتى بعض مخالفي الاسلام; أولئک بدون أدنى تحقيق حول هذا المطلب في کتب کبار الشيعة و علماء «عقائد و مذاهب الاسلام» تمسکوا بهذه الکلمة فقط و کتبوا و فسروا ذلک بتفاسير لاتمت الى عقائد الشيعة بأدنى صلة، و نسبوا لنا مطالب مشکوکة و عارية عن الحقيقة.
لاتصدر هذه التفاسير غير اللائقة طبعاً عن عالم و محقق (حتى من المخالفين)، بل ذلک من عمل المتعصبين و المعاندين الذين يبحثون عن ذريعة و دليل ملفق ليؤدوا أغراضهم في ظلها، أولئک يفکرون دائماً و يحاولون سماع کلمة من الطرف المقابل ليتمکنوا من تفسيرها تفسيراً مضلا و في غير محله و يستعملوها للدعاية المسمومة و إثارة حرب نفسية، و لفظ «البداء»من ضمن هذه الألفاظ.
على کل حال لاتضاح حقيقة معنى کلمة «البداء» بنظر الشيعة، يکفي الالتفات الى هذا البيان البسيط و المختصر
أصل کلمة «بدا» في اللغة العربية تعني الانکشاف و الانجلاء، يقول القرآن الکريم بشأن الظالمين: «و بَدا لهُم سيئاتُ ما عملوا».
يقال أحياناً في اللغة العربية: بدا من فلان کلام فصيح أي صدر منه کلام فصيح، و توضع اللام أحياناً بدل «من» فيقولون: بدا لفلان کلام فصيح، و معنى هذا نفس معنى الجملة الأولى تماماً أي صدر منه کلام فصيح.
الآن و بعد أن عرفنا معنى جملة «بدا لفلان» و أمثالها نعود الى صلب الموضوع:
کثيراً ما يحصل أن تتهياً مقدمات عمل معين بنظرنا من جميع الجهات، ثم تصدر حوادث مفاجئة تلغي ذلک الموضوع و تمنعه فيقال هنا: لم يشأ الله أن ينجز هکذا موضوع و من الممکن أن تستعمل کلمة «البداء» هنا فيقال: «بد الله أنّه لايريد هذا».
بناءاً على هذا ليس المراد أنّه بد الله حتى يستلزم الجهل بالقدر الثاني، بل المقصود بدا و انکشف من الله لنا.
بديهي أنّ هذا المطلب لإاشکال فيه، و هو موضوع يقع لکل شخص في طول حياته مرات متعددة، فتحدث أمور خلاف المتوقع، هذه هي «حقيقة البداء».
لنرى الآن کيف امتزج هذا الموضوع مع عقائدنا الدينية و ارتبط بها؟
نحن نعتقد (و تشهد آيات القرآن الکريم و الروايات أيضاً بذلک) أنّ مقدمات البلاء و المصائب کثيراً ما تجتمع و تتهيأ و يمکن أن يتوقع ذلک، لکنّ الناس يتوجهون الى الله بالدعاء و ينصرفون عن الأعمال المحرمة و الباطلة، يحسنون الى بعضهم و يعملون البرو والاحسان فيدفع الله الشقاء و التبرم عنهم ببرکة هذه الأعمال، هذا أحد موارد البداء.
و أحياناً يحصل العکس، تتهيأ مقدمات النعمة و السعادة فيرتکب الناس أعمالا تقلب الأوراق على أثرها، و هذا هو البداء.
کثيراً ما يحدث أن يتغير مصير الانسان على أثر أعماله الحسنة و القبيحة، و هذه أحد إفتخاراتنا بأنّنا نعتبر مصيرنا مرتبط بأعمالنا.
يمکن أن يقال أنّ ما قيل من حدوث البداء لله في هذه الموارد ناظر الى الظاهر و يعبر عن رأينا و حساباتنا، لأنّ الانسان يتصور نتيجة التقييد الذي لديه أنّ الحادثة الفلانية ستقع قطعاً، أولن تظهر الى الوجود حتماً، و لما يشاهد خلاف ذلک و يرى أنّ حساباته کانت مغلوطةً و خاطئةً يقول بالقياس الى فکره: حدث لله بداء في الوقت الذي أنّ ما يليق بمنزلته ليس «البداء» بل «الابداء» ; أي إظهار ماکان مختفياً بالنسبة لنا.
الخلاصة وقوع الحوادث المفاجئة و غير المتوقعة بنظرنا «بداء»، أي أنّ الشيء کان مختفياً ثم ظهر و انکشف; لکنّ ما يليق بالله هو «الابداء» أي الاظهار، فيظهر الشيء الذي کان قد أخفاه، و استعمال البداء بدل الابداء بشأن الله نوع من القياس کما قيل.
أما قضية إسماعيل ابن الامام الصادق(عليه السلام) فکانت کما قال الامام: «قُدر أن يقتل ولدي اسماعيل، دعوت الله و طلبت منه أن يدفع عنه شر الأعداء، لقد استجاب الله دعائي ولم يقتل ولدي، ثم بدا لله في اسماعيل» هذا مضمون الحديث الذي نقل في العديد من کتب الشيعة، و معنى هذا الحديث بالنظر الى التفصيل المتقدم واضح جداً، فلم يکن يرتبط بمسألة إمامة اسماعيل و لا بندم الله!
لکن و کما قلنا هناک أفراد متعصبون و معاندون يحاولون استغلال کل تيار ليبثوا سمومهم تذرعوا بکلمة «بدا» و قالوا: «الشيعة يعتقدون أنّ الله يندم أحياناً على عمله و يعيد النظر کما کان من المقرر أن يصبح اسماعيل إبن الامام الصادق(عليه السلام) إماماً ثم ندم!» هذا في الوقت الذي يعتبر علماء الشيعة کل من اعتقد بذلک کافراً.
أين هذه التهمة و أين عقائد الشيعة! لايُعلم لماذا لم يقم هکذا أفراد بمطالعة ولو کتاب واحد من کتب علماء و محققي الشيعة ليدرکوا الحقيقة و ليعلموا أولا: ما معنى «البداء»، و ثانياً: ما هي قصة السيد اسماعيل!.
نأمل أن تزول سحب التشاؤم و التعصب من أفق سماء الاسلام;
و أن يختتم بث السموم من قبل الجهال و المتعصبين و التي تعتبر أساساً لتفرقة و تشتيت صفوف المسلمين.
سؤال:
ما المقصود بالبداء الذي يعدّ جزءاً من عقائدنا نحن الشيعة، و هل ما يقوله البعض من أنّ الامام الصادق(عليه السلام) کان يقول قبل وفاة ولده اسماعيل: الامام من بعدي هو ولدي اسماعيل، لکن و بعد أن مات اسماعيل في حياة الامام قال(عليه السلام): بدا لله في إمامة اسماعيل؟!
لا يوجد تعليق